السبت، 31 أغسطس 2013

حسن الظن / سوء الظن

بسم الله الرحمن الرحيم


لم أختر الموضوع لكي يكون أوّل ما أفتتح به المدوّنة، بل كنت أفكّر في موقف فقررت مشاركة رأيي، مع أنني لست من البارعين في الكلام وﻻ في الكتابة.

قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (الحجرات 12)

تساألت كيف يحسن الإنسان الظنّ؟ وكيف يسيئه؟

الظنّ هو مرآة كاشفة للنفس وخباياها، لا تكذب، وإن كذب الإنسان فإنّما يكذب على نفسه. الظنّ شعور داخلي ينتابنا عندما نتعرّض إلى موقف نجهل مآله بالتحديد، فإمّا أن نميل إلى التفاؤل وظنّ الخير بالله أو بالآخرين، وإمّا العكس. فأمّا حسن الظنّ بالله جلّ وعلا، فهو موثوق الصّلة بالإيمان به وبمعرفته، ليس بالتجربة. المؤمن يعلم أنّ أمره كلّه خير، وأنّ الله يجيب من دعاه بقلب صادق مخلِص. فإذا أصابه ما أصابه من الشرّ، فيعلم أن حسن التصرّف والثبات والصبر يرفعونه درجات عند الله. وإذا دعا ولم يستجب الله فورًا{وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُوﻻً} (الإسراء : 11) فيعلم أن الله سيستجيب إما في الدنيا، في الوقت الذي يريده الله لا الذي يريده العبد، وإمّا في الآخرة، يرى جبالا من الحسنات، وهي الدعوات التي أجل الله تلبيتها إلى يوم الحساب. وفي حالة الإستجابة أو غيرها، يكون من الشاكرين*.

وأمّا حسن الظنّ بالآخرين، فأراه مِرآة للنفس وما تقدِر عليها، مُسقطًا على الآخرين، أي أن مقدار الخير الذي أتوقعه من غيري هو مقدار الخير الحقيقي الذي في داخلي. وبالتالي، إذا اتّهمنا أحدهم بتُهمة ونحن عاجزون أن نجزم أنه قام بها فِعلا، فذلك قد يعكس إمكانية قيامنا نحن بتلك الفِعلة. نفس الشيء إذا قُلنا أن أغلب النّاس في ضلال، فذلك دليل أننا نحن في ضلال والعياذ بالله. قال صلى الله عليه وسلّم "إذا قال الرّجل : هلك النّاس، فهو أهلكهم" (رواه مسلم). كذلك الخير. إذا أحسنت الظنّ بأخيك المسلم، فهذا يعني أنّك أيضا قادر على فعل ذلك الخير في نفس الموقف. كما أن الله تعالى أمرنا بحسن الظنّ بالمسلمين تعظيمًا لديننا ولمن يتّبعه. فلا يليق بمن ارتقى بالإسلام أن يُساء الظّنّ به ولو أذنب. 
وكما قال أحد الصالحين"إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته، وإلا، قل لعل له عذرا لا أعرفه."
فحسن الظنّ من رأيي حافز يدفعنا باستمرار إلى تنقية أفكارنا وتصفية قلوبنا من الشوائب العالقة، حتى نطهر منها تماما وﻻ مجال لها أن تعود.
فسبحان من أمرنا بإحسان الظنّ فيه جلّ وعلا وفي المسلمين. وما أجملها من راحة.

_____________

*تذكرت هذا المقطع وأنا أدوّن.
نحن قوم إذا أٌعطينا صبرنا، وإذا ابتلينا شكرنا..