الثلاثاء، 30 سبتمبر 2014

لن أكبر






عندما كنت طفلة صغيرة، كنت أرى في وجوه الكبار نظرة حزينة، بعيدة.. لم أكن أفهم من أين تنبع وإلى أين ترمي، ولكنني عاهدت نفسي ألّا أنظر تلك النظرة عندما أكبر. فإن كان الكبَر مرادفا للهمّ والقلق، فلن أكبر.

عندما كنت طفلة صغيرة، كانت لديّ ككلّ الصغار تلك البراءة التي يتعاملون بها مع الأشخاص ومع الأحداث.. براءة عجيبة تُدهش الكبار فهي لا تخلو من حكمة افتقدوها ومن صفاء نفس تعكّر مع الوقت (هل هو الوقت حقّا؟).  وكنت أسمع هؤلاء الكبار يقولون لي "ابقيْ صغيرة، لا تكبري، حافظي على براءتك".. فعاهدت نفسي أنني عندما أكبر، لن أتخلّى عن ذلك الصفاء الذي أعامل به غيري. وإن كان الكبَر يعني المكر والخداع، فلن أكبر.

عندما كنت طفلة صغيرة، كانت لديّ أحلام، ليست كثيرة ولكنّها واضحة وبسيطة. وكنت أسمع الكبار يقولون لي ما يعني أن لا قيمة حقيقة في حياتنا لهذه الأحلام، فالأفضل أن تتركيها وأن تكوني "واقعيّة". لكن هل الخلود إلى الأرض من سمات الكبار؟ إن كان كذلك فإني أعاهد نفسي ألّا أكبر.

عندما كنت طفلة صغيرة، قلّما كنت أغضب، وإن حاول أحدهم إرضائي، كنت أسارع بالابتسامة التي لم أكن أقدر حتى على مواراتها. للطفل منابع تتدفق بالخير والعطاء. لم أكن واعية بذلك من قبل طبعا، لكن هل تجفّ هذه المنابع إذا كبُر الإنسان؟ إن كان كذلك فلا أريد أن أكبر.



الشوق إلى تلك الأيام يكاد يقتلني..  هل تُراني كبرت؟