الأربعاء، 5 فبراير 2014

مبدأ وحياة

بسم الله الرحمن الرحيم

الجميع يعلم اليوم كم كانت الطريق إلى المعلومة، منذ أكثر من عقدين، شاقّة ووعرة. لكننا نذكر أيضا اللذة التي كنا نشعر بها عند وصولنا إليها، وكأنّه كنز ثمين قطعنا لأجله الأميال وعبرنا البحار لنيله. ومهما كانت طبيعتها،  علما أو أدبا أو حُكما شرعيا أو حِكمة إلى غير ذلك، فقد كان احتفاظنا بها كاحتفاظنا بدرّة نفيسة نخاف أن تفلت من بين أيدينا. فهل التسلّق إلى قمة الجبل على القدمين كالذهاب إليها على متن طائرة؟

وفجأة جاءت موجة التطوّر التي بدأت بوادرها في الحقيق منذ أن خُلق الإنسان. فهو بطبعه يريد أن يسهّل أمره حتى يتفرّغ إلى ما هو أهم، أو ما هو من المفروض أهمّ. هذه الموجة هزّت الإنسان هزّا، وأخرجته عن طبيعته الإنسانية، وجعلته يصل إلى ما يرنو إليه في طرفة عين. حتّى أنّه لم يعد يعير للشيء اهتماما. و"سيعود إلى  المعلومة إذا احتاجها" فإيجادها سهل يسير. وهذه نعمة كبيرة لمن أعطى المعلومة حقّها من الاهتمام. لكن قد تنقلب إلى نقمة، لمن يستسهل منالها، ويؤجل العمل بها إلى حين لا يعرفه، أو يعمل بها لمدة قصيرة تكفيه لحل مشكلة أو لإسكات ضمير.

لن أطيل أكثر.. أرى اليوم أننا نستعرض آيات وحِكمًا وقصصا مؤثرة نعتبر بها إن كنّا من أولي الألباب....وتتهاطل على مسامعنا ومرائينا حتى لم نعد قادرين على استيعابها بهذه السرعة. ﻻ أقصد الاستيعاب الذهني، فنحن نستوعب ونفهم ونتناقش ونبدي آراءنا ونفتي أحيانا بل ونطعن فيمن علّمونا أو بمثابة معلّمينا، إلا إذا أكرمنا الله بقلب تقيّ ورع ولسان مستغفر.
أقصد هنا الاستيعاب القلبي. أرأيت تلك اللحظة التي ينبض فيها قلبك بقوّة وتهتزّ جوارحك، وتشعر أن فكرة وجدت أخيرا طريقها إلى ذلك القلب ومستقرّا في كنفه...؟ تلك اللحظة التي يتليها إدراك لحقيقة الكلمة أو القصة التي سمعتها، لمعانيها الجليّة التي تتطابق تماما مع إجابة لتساؤلات علقت في ذهنك طويلا.. كم هي مهمّة، تلك اللحظة! هي التي تجعل منك شخصا ذا مبادئ، شخصا قويّا، يفعل ما يقوله. هل أنا مخطئة أم أنّ البركة نُزعت من أغلب ما نشاهده من برامج تعليمية ونصائح ووعظ بل وأحاديث وتفاسير للقرآن، بل عند قراءة القرآن..؟

هل نقيّم الأشياء بالكمّيّة أم بالجودة كما يُقال في هذا الزمن؟ 

يكفينا مبدأ واحد، نعم، مبدأ واحد، لكي ننعم بحياتنا. (والخير ﻻ يلِد إلا خيرا)



بعض الآيات للتدبّر :

{
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (سورة الحجرات 11، وأنصح نفسي وإياكم بالتمعّن فيها)
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ (الأنعام : 14)
 إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (البقرة :131)
 ‏{‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا‏(الطلاق 2-3)

بعض ما أوصانا به رسولنا صلى الله عليه وسلّم
عَنْ عَبْدِاللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافاً، وَقَنَّعَهُ اللّهُ بِمَا آتَاهُ». 
الْمُسْلِمُ مَنْ سَلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مِنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ"
قال صلى الله عليه وسلّم  : (إِيَّاكُمْ و الظن؛ فإِنَّ الظن أَكذَبُ الحديثِ، ولا تَجَسَّسُوا و لا تَنافَسُوا و لا تَدابَرُوا،و لا تَحاسَدُوا،و لا تَباغَضُوا،و كونوا عِبادَ الله إخوانا)



اخترت هذه الآيات والأحاديث بصفة شبه عشوائية. كلنا سمعناها من قبل. يا سعد من يتّخذ ولو واحدة منها ويجعلها ثابتا من ثوابت حياته . والله المستعان